كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ} [البقرة: 282] وقوله تعالى: {يِا أَيُّهَا الذين آمنوا إَن تَتَّقُواْ الله يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] على القول بأن الفرقان هو العلم النافع الذي يفرق به بين الحق والباطل.
وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وَآمنوا بِرسوله يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28] الآية.
وهذه التقوى. التي دلت الآيات. على أن الله يعلم صاحبها. بسببها ما لم يكن يعلم. لا تزيد على عمله بما علم. من أمر الله وعليه فهي عمل ببعض ما علم زاده الله به علم ما لم يكن يعلم.
فالقول بمنع العمل بما علم من الكتاب ولاسنة. حتى يحصل رتبة الاجتهاد المطلق. هو عين السعي في حرمان جميع المسلمين. من الأنتفاع بنور القرآن. حتى يحصلوا شرطًا مفقودًا. في اعتقاد القائلين بذلك. وادعاء مثل هذا على الله وعلى كتابه وعلى سنة رسوله هو كما ترى.
تنبيه مهم:
يجب على كل مسلم. يخاف العرض على ربه. يوم القيامة. أن يتأمل فيه ليرى لنفسه المخرج من هذه الورطة العظمى. والطاعة الكبرى. التي عمت جل بلاد المسلمين من المعمورة.
وهي ادعاء الاستغناء عن كتاب الله وسنة رسوله. استغناء تامًا. في جميع الأحكام من عبادات ومعاملات. وحدود وغير ذلك. بالمذاهب المدونة.
وبناء هذا على مقدمتين:
إحداهما: أن العمل بالكتاب والسنة لا يجوز إلا للمتجهدين.
والثانية: أن المجتهدين معدومون عدمًا كليًا. لا وجود لأحد منهم. في الدنيا. وأنه بناء على هاتين المقدمتين. يمنع العمل بكتاب الله وسنة رسوله منعًا باتًا على جميع أهل الأرض. ويستغنى عنهما بالمذاهب المدونة.
وزاد كثير منهم على هذا منع تقليد غير المذاهب الأربعة. وأن ذلك يلزم استمراره إلى آخر الزمان.
فتأمل يا أخي رحمك الله: كيف يسوغ لمسلم. أن يقول بمنع الاهتداء بكتاب الله. وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وعدم وجوب تعلمهما والعمل بهما. استغناء عنهما بكلام رجال. غير معصومين ولا خلاف في أنهم يخطئون.
فإن كان قصدهم أن الكتاب والسنة. لا حاجة إلى تعلمهما. وأنهما يغني غيرهما. فهذا بهتان عظيم. ومنكر من القول وزور.
وإن كان قصدهم أن تعلمهما صعب لا يقدر عليه. فهو أيضًا زعم باطل. لأن تعلم الكتاب والسنة. أيسر من تعلم مسائل الاراء والاجتهاد المنتشرة. مع كوناه في غاية التعقيد. والكثرة والله جل وعلا يقول في سورة القمر مرات متعددة: {ولقد يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [القمر: 17- 22- 40]. ويقول تعالى في الدخان:
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الدخان: 58]. ويقول في مريم: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلَسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المتقين وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا} [مريم: 97].
فهو كتاب ميسر. بتيسير الله. لمن وفقه الله للعمل به. والله جل وعلا يقول: {بَلْ هو آيات بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الذين أُوتُواْ العلم} [العنكبوت: 49]. ويقول: {ولقد جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ على عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 52].
فلا شك أن الذي يتباعد. عن هداه. يحأول التباعد. عن هدى الله ورحمته.
ولا شك أن هذا القرآن العظيم. هو النور الذي أنزله الله إلى أرضه. ليسضاء به فيعلم في ضوئه الحق من الباطل والحسن من القبيح والناف من الضار. والرشد من الغي.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الناس قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} [النساء: 174].
وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسولنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكتاب وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ سُبُلَ السلام وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظلمات إِلَى النور بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15- 16]. وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب ولا الإيمان ولكن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52] وقال تعالى: {فَآمنوا بالله ورسولهِ والنور الذي أَنزَلْنَا} [التغابن: 8] وقال تعالى: {فالذين آمنوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ واتبعوا النور الذي أُنزِلَ مَعَهُ أولئك هُمُ المفلحون} [الأعراف: 157].
فإذا علمت أيها المسلم أن هذا القرآن العظيم. هو النور الذي أنزله الله ليستضاء به. ويهدتي بهداه في أرضه. فكيف ترضى لبصريتك أن تعمى عن النور.
فلا تكن خفي البصيرة. واحذر أن تكون ممن قيل فيهم:
خفافيثش أعماها النهار بضوئه ** ووافقها قطع من الليل مظلم

مثل النهار يزيد أبصار الورى ** نورًا ويعمي أعين الخفاش

{يَكَادُ البرق يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البقرة: 22].
{أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق كَمَنْ هو أعمى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولواْ الألباب} [الرعد: 19].
ولا شك أن من عميت بصيرته عن النور. تخبط في الظلام. ومن لم يجعل الله له نورًا. فما له من نور.
وبهذا تعلم أيها المسلم المنصف. أنه يجب عليك الجد. والاجتهاد في تعلم كتاب الله. وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وبالوسائل النافعة المنتجة. والعمل بكل ما علمك الله منهما. علمًا صحيحًا.
ولتعلم أن تعلم كتاب الله وسنة رسوله في هذا الزمان. أيسر منه بكثير في القرون الأولى. لسهو لة معرفة جميع ما يتعلق بذلك. من ناسخ ومنسوخ وعام وخاص. ومطلق ومقيد. ومجمل ومبين وأحوال الرجال. من رواة الحديث. والتمييز بين الصحيح والضعيف. لأن الجميع ضبطج وأتقن ودون. فالجميع سهل التناول اليوم.
فكل آية من كتاب الله قد علم ما جاء فيها من النبي صلى الله عليه وسلم ثم من الصحابة والتابعين وكبار المفسرين.
وجميع الأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه وسلم حفظت ودونت. وعلمت أحوال متونها وأسانيدها وما يتطرق غليها من العلل والضعف.
فجميع الشروط التي اشترطوها في الاجتهاد يسهل تحصيلها جدًّا على كل من رزقه الله فهمًا وعلمًا.
والناسخ والمنسوخ. والخاص والعام. والمطلق والمقيد. ونحوذلك تسهل معرفته اليوم على كل ناظر في الكتاب والسنة ممن رزقه الله فهمًا ووفقه لتعلم كتاب الله وسنة رسوله.
واعلم أيها المسلم المنصف. أن من أشنع الباطل وأعظم القول بغير الحق. على الله وكتابه وعلى النبي وسنته المطهرة. ما قاله الشيخ أحمد الصاوي. في حاشيته على الجلالين. في سورة الكهف وآل عمران وغتر بقوله في ذلك. خلق لا يحصى من المتسمين. باسم طلبة العلم. لكونهم لا يميزون بين حق وباطل.
فقد قال الصاوي أحمد المذكور في الكلام على قوله تعالى: {ولاَ تَقولنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا} [الكهف: 23] الآية. بعد أن ذكر الأقوال في انفصال الاستثناء عن المستثنى منه بزمان. ما نصه: وعامة المذاهب الأربعة على خلاف ذلك كله فإن شرط حل الأيمان بالمشيئة أن تتصل. وأن يقصد بها حل اليمين. ولا يضر الفصل بتنفس أوسعال أو عطاس. ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة. ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية. فالخارج عن المذاهب الأربعة. ضال مضل وربما أداه ذلك للكفر. لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصو ل الكفر. اه. منه بلفظه.
فانظر يا أخي رحمك الله. ما أشنع هذا الكلام وما أبطله. وما أجرأ قائله على الله. وكتابه وعلى النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وأصحابه {سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 19].
أما قوله بأنه لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة. ولوكانت أقوالهم مخالفة للكتاب والسنة. وأقوال الصحابة فهو قول باطل بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم وإجماع الأئمة الأربعة أنفسهم. كما سنرى إيضاحه إن شاء الله بما لا مزيد عليه في المسائل الآتية بعد هذه المسألة. فالذي ينصره هو الضال المضل.
وأما قوله: إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة. من أصو ل الكفر. فهذا أيضًا من أشنع الباطل وأعظمه. وقائله من أعظم الناس انتهاكًا لحرمة كتاب الله وسنة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
{سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 19].
والتحقيق الذي لا شك فيه. وهو الذي كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعامة علماء المسلمين أنه لا يجوز العدو ل عن ظاهر كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال من الأحوال بوجه من الوجوه. حتى يقوم دليل صحيح شرعي صارف عن الظاهر إلى المحتمل المرجوح.
والقول بأن العمل بظاهر الكتاب والسنة من أصو ل الكفر لا يصدر ألبتة عن عالم بكتاب الله وسنة رسوله وإنما يصدر عمن لا علم له بالكتاب والسنة أصلًا. لأنه لجهله بهما يعتقد ظاهرهما كفرًا والواقع في نفس الأمر أن ظاهرهما بعيد مما ظنه أشد من بعد الشمس من اللمس.
ومما يوضح لك ذلك أن آية الكهف هذه. التي ظن الصاوي أن ظاهرها حل الأيمان بالتعليق بالمشيئة المتأخر وزمنها عن اليمين وأن ذلك مخالف للمذاهب الأربعة: وبنى على ذلك أن العمل بظواهر الكتاب والسنة من ًأول الكفر كله باطل لا أساس له.
وظاهر الآية بعيد مما ظن بل الظن الذي ظنه والزعم الذي زعمه لا تشير الآية إليه أصلًا. ولا تدل عليه لابدلالة المطابقة. ولا التضمن ولا الالتزام. فضلًا على أن تكون ظاهرة فيه.
وسبب نزولها يزيد ذلك إيضاحًا. لأن سبب نزول الآية أن الكافر سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين فقال لهم «سأخبركم غدًا». ولم يقل إن شاء الله فعاتبه ربه بعدم تفويض الأمر إليه. وعدم تعليقه بمشيئته جل وعلا فتأخر عنه الوحي.
ثم علمه الله في الآية والأدب معه في قوله: {ولاَ تَقولنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إِلاَّ أَن يَشَاءَ الله} [الكهف: 23- 24].
ثم قال لنبيه {واذكر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] يعني إن قلت سأفعل كذا غدًا. ثم نسيت أن تقول إن شاء الله. ثم تذكرت بعد ذلك. فاذكر ربك. أي قل إن شاء الله. أي لتتدارك بذلك الأدب. مع الله الذي فاتك عند وقته. بسبب النسيان وتخرج من عهدة النهي في قوله تعالى: {ولاَ تَقولنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إِلاَّ أَن يَشَاءَ الله} [الكهف: 23- 24].
والتعليق بهذه المشيئة المتأخرة لأجل المعنى المذكور. الذي هو ظاهر الآية الصحيح لا يخالف مذهبًا من المذاهب الأربعة ولا غيرهم. وهو التحقيق في مراد ابن عباس بما ينقل عنه من جواز تأخير الاستثناء كما أوضحه كبير المفسرين. أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله.
وقد قدمنا إيضاحه فيى الكالم على أي الكهف هذه. في أتباع الصاوي المقلدين له تقليدًا أعمى على جهالة عمياء. أين دل ظاهر آية الكهف هذه. على اليمين بالله. أوبالطلاق أوبالعتق أوبغير ذلك من الأيمان؟
هل النبي صلى الله عليه وسلم حلف لما قال للكفار: سأخبركم غدًا؟
وهل قال الله: ولا تقولن لشيء غني حالف سأفعل ذلك غدًا؟
ومن أين جئتم باليمين. حتى قلتم إن ظاهر القرآن. هو حل الأيمان بالمشيئة المتأخرة عنها. وبنيتم على ذلك أن ظاهر الآية مخالف لمذاهب الأئمة الأربعة. وأن العمل بظواهر الكتاب والسنة من أصو ل الكفر؟
ومما يزيد مما ذكرنا إيضاحًا ما قاله الصاوي أيضًا في سورة آل عمران في الكلام على قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابتغاء الفتنة وابتغاء تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7] فإنه قال على كلام الجلال ما نصه: زيغ أي ميل عن الحق للباطل. قوله: بوقوعهم في الشبهات واللبس. أي كنصارى نجران. ومن حذا حذوهم ممن أخذ بظاهر القرآن. فإن العلماء ذكروا أن من أصو ل الكفر الأخذ بظواهر الكتاب والسنة اه.
فانظر رحمك الله. ما أشنع هذا الكلام وما أبطله وما أجرأ قائله على انتهاك حرمات الله. وكتابه ونبيه وسنته صلى الله عليه وسلم. وما أدله على أن صاحبه لا يدري ما يتكلم به. فإنه جعل ما قاله نصارى نجران. هو ظاهر كتاب الله. ولذا جعل مثلهم من حذا حذوهم فأخذ بظاهر القرآن.
وذكر أن العلماء قالوا إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصو ل الكفر مع أنه لا يدري وجه ادعاء نصارى نجران على ظاهر القرآن أنه كفر. مع أنه مسلم أن ادعاءهم على ظاهر القرآن أنه كفرهم ومن حذا حذوهم ادعاء صحيح إلا أن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصو ل الكفر.
وقد قال قبل هذا: قيل سبب نزولها أن وفد نجران قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ألست تقول: إن عيسى روح الله وكلمته؟ فقال نعم. فقالوا حسبنا. أي كفانا ذلك في كونه ابن الله. فنزلت الآية.
فاتضح أن الصاوي يعتقد أن ادعاء نصارى نجران أن ظاهر قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} [النساء: 171] هو أن عيس ابن الله ادعاء صحيح. وبنى على ذلك أن العماء قالوا إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصو ل الكفر.
وهذا كله من أشنع الباطل وأعظمه. فالآية لا يفهم من ظاهرها ألبتة. بوجه من الوجوه. ولا بدلالة من الدلالات. أن عيس ابن الله. وادعاء نصارى نجران ذلك كذب بحت.
فقول الصاوي كنصارى نجران. ومن حذا حذوهم ممن أخذ بظواهر القرآن صريح في أنه يعتقد أن ما ادعاه وفد نجران من كون عيس ابن الله هو ظاهر القرآن اعتقاد باطل باطل باطل. حاشا القرآن العظيم من أن يكون هذا الكفر البواح ظاهره. بل هو لا يدل عليه ألبتة فضلًا عن أن يكون ظاهره وقوله: {وَرُوحٌ مِّنْهُ} كقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض جَمِيعًا مِّنْهُ} [الجاثية: 13] أي كل ذلك من عيسى وم تسخير السماوات والأرض مبدؤه ومنشؤه جل وعلا.
فلفظة من في الآيتين لابتداء الغاية. وذلك هو ظاهر القرآن وهو الحق خلافًا لما زعمه الصاوي وحكاه عن نصارى نجران.
وقد اتضح بما ذكرنا أن الذين يقولون: إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصو ل الكفر لا يعلمون ما هي الظواهر وأنهم يعتقدون شيئًا ظاهر النص. والواقع أن النص لا يدل عليه بحال من الأحوال فضلًا عن أن يكون ظاهره.